نـبـويـة مـوسى ... رائـدة تـعلـيـم الـمـرأه نبوية موسى كاتبة ومفكرة وأديبة فتاة مصرية قهرت ظرورف التخلف وطوعت الحياة لإرادتها وحفرت اسمها بحروف من نور في تاريخ التعليم المصري والحياة العامة في مصر. وهى إحدى رائدات التعليم والعمل الاجتماعى خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وهى أول ناظرة مصرية وكانت من رعاة الدكتورة سميرة موسى عالمة الذرة المصرية ، وكانت من رائدات العمل الوطني وتحرير المرأة والحركات النسائية المصرية القرن الماضي. نشأتها :ـ ولدت نبوية موسى محمد بدوية في (20 ربيع الأول 1304هـ = 17 ديسمبر 1886م) بكفر الحكما بندر الزقازيق محافظة الشرقية بمصر، وكان والدها ضابطا بالجيش المصري برتبة اليوزباشى و سافر إلى السودان قبل مولدها بشهرين ولم يعد من هناك ، نشأت نبوية يتيمة ، ثم عاشت في القاهرة مع شقيقها "محمد" الذي أصبح فيما بعد وكيلا للنيابة في مدينة الفيوم ، أما الأم كما تحدثنا عنها فهي أم مصرية بسيطة لجأت إلى "الزار" عندما مرضت نبوية ، وباعت الأم بيتنا تمله وأنفقت ثمنه على الزار الفخم الذي شفيت على أثره "نبيوة" من مرضها! قبل المدرسة تعلمت نبوية مبادئ القراءة والكتابة في البيت مثلها في ذلك مثل بنات جنسها وطبقتها الوسطي وتعلمت القراءة من خلال تذوقها الشعر العربي فكانت تحفظ القصائد العربية التي يرددها شقيقها ثم من خلال التدريب علي قراءتها علمت نفسها القراءة،، وعلمت نفسها مبادئ الحساب ، وعلمها أخوها ألف باء اللغة الإنجليزية أما الكتابة فتعلمتها عن طريق محاكاة النصوص المكتوبة ولم تكتف بهذا القدر من العلم وإنما أصرت علي الالتحاق بالتعليم المدرسي ولم تجد نبوية أي مساندة من عائلتها عند اتخاذها هذا القرار فقد اعتبرته أمها خروجاً علي قواعد الأدب والحياء ومروقاً من التربية والدين كما رفضه كل من عمها وأخوها علماً بأن أخاها هو الذي علمها حروف الهجاء لتقرأ وهو ما يعكس رؤية المجتمع حينذاك لخروج الفتاة إلي المدارس طلباً للعلم غير أن الأغلبية الرافضة لم تستطع أن تتغلب علي رغبتها الجامحة في دخول المدرسة فذهبت نبوية سراً إلي المدرسة، سرقت ختم والدتها وكما تقول في كتابها «تاريخي بقلمي» لتقدم هي لنفسها بدلاً من ولية أمرها وباعت سواراً من الذهب حتي تحمل المدرسة علي قبول طلبها الذي جعلته بمصروفات.. وتكشف بدايات علاقات نبوية موسي بالتعليم عن جوانب فذة في شخصيتها لعل من أبرزها ذكاءها الذي مكنها من تعليم نفسها بنفسها وقوة عزيمتها وتصميمها علي تنفيذ إرادتها وإصرارها علي تحقيق أهدافها أيا كانت المعوقات ودون الخضوع لمجتمع كان يري في تعليم البنت خروجاً علي الآداب العامة. ![]() بداية الرحله :ـ إلتحقت "نبوية موسى" بالقسم الخارجي للمدرسة السنية عام 1901 ، بالقاهرة، حيث كانت أسرتها قد انتقلت للإقامة بها، وحصلت على الشهادة الابتدائية سنة (1321هـ = 1903م)، ثم التحقت بقسم المعلمات السنية، وأتمت دراستها في سنة (1324هـ = 1906م)، وعينت مدرسة بمدرسة عباس الابتدائية للبنات بالقاهرة لتبدأ رحلتها في مجال ممارسة التعليم، ولما كان مرتب المعلمة الحاصلة علي دبلوم المعلمات السنية ستة جنيهات في الوقت الذي يعين فيه خريج المعلمين العليا من الرجال بمرتب اثني عشر جنيهاً فقد ساء نبوية موسي هذه التفرقة واحتجت لدي المعارف فأجابتها بأن سبب التفرقة هو أن متخرجي المعلمين العليا حاصلون علي شهادة البكالوريا «الثانوية العامة» فصممت علي أن تحصل علي هذه الشهادة واستعدت لها بمجهود ذاتي فلم يكن في مصر آنذاك مدارس ثانوية للبنات وتقدمت لهذا الامتحان فأثارت ضجة في وزارة المعارف باعتبارها أول فتاة في مصر تجرؤ علي التقدم لهذه الشهادة التي كان حاملوها يحظون بمكانة اجتماعية مرموقة ونجحت نبوية في الامتحان وحصلت علي شهادة البكالوريا 1907 فكان لنجاحها ضجة كبري واكتسبت نبوية شهرة واسعة في كل الأوساط خاصة العلمية والثقافية وتعلق علي ذلك وتقول لو إنني فتحت فرنسا لما كان لاسمي رنة أشد مما كان علي إثر نيل الشهادة العظيمة أي شهادة البكالوريا ثم حصلت علي دبلوم المعلمات 1908 وفي هذه الفترة بدأت تكتب المقالات الصحفية وتنشرها بعض الصحف مثل «مصر الفتاة» و«الجريدة» تناولت فيها قضايا تعليمية واجتماعية وأدبية. وألفت كتابا مدرسيا بعنوان "ثمرة الحياة في تعليم الفتاة"، قررته نظارة المعارف للمطالعة العربية في مدارسها. ، وتولت نظارة المدرسة المحمدية الابتدائية للبنات بالفيوم (سنة 1327 – 1909م) وهي مدرسة أنشأتها مديرية الفيوم، وكانت أول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية، ونجحت نبوية موسى في نشر تعليم البنات في الفيوم فزاد الإقبال على المدرسة ، كما انتدبت الجامعة الأهلية المصرية اثر افتتاحها عام 1908م نبوية موسى مع ملك حفني ناصف ولبيبة هاشم لإلقاء محاضرات بالجامعة تهتم بتثقيف سيدات الطبقة الراقية. استمرار الكفاح :ـ وإثر افتتاح الجامعة الأهلية المصرية عام 1908 انتدبت الجامعة نبوية مع ملك حفني ناصف ولبيبة هاشم لإلقاء محاضرات في موضوعات مختلفة كانت تنظمها الجامعة لتثقيف سيدات الطبقة الراقية كل يوم جمعة، وفي عام 1909 تركت نبوية خدمة المعارف لتتولي نظارة المدرسة المحمدية الابتدائية للبنات التي أنشأها مجلس مديرية الفيوم فكانت أول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية للبنات. ونجحت خلال عملها في نشر تعليم البنات في الفيوم فزاد الإقبال علي المدرسة وارتفع عدد تلميذاتها إلي أكثر من الضعف في مدة أربعة أشهر وبعد ثمانية شهور من العمل تعرضت لمتاعب ومضايقات ممن ينظرون إلي المرأة المتعلمة نظرة متدنية فرشحها أحمد لطفي السيد ناظرة لمدرسة معلمات المنصورة فتولت إدارتها منذ عام 1910. ونهضت بها نهضة كبيرة حتي حازت المركز الأول في امتحان كفاءة المعلمات الأولية. واستمر خصوم نبوية موسي في مؤامراتهم واستطاعوا أن يقنعوا الإنجليز أن نبوية من الوطنيات المشتغلات بالسياسة فتم نقلها إلي القاهرة وأعيد تعيينها في المعارف بوظيفة وكيلة معلمات بولاق في ديسمبر 1914م ثم تم ترقيتها في 1916م ناظرة لمدرسة معلمات الورديان بالإسكندرية وظلت في هذه الوظيفة حتي عام 1920 وكما يقول د. محمد أبوالإسعاد في كتابه «نبوية موسي ودورها في الحياة المصرية» حين رأي الإنجليز لأسباب سياسية ترقيتها مفتشة للتعليم الأولي بالوزارة لكن لما لم يكن لنبوية موسي عمل فعلي في الوزارة راحت تكاتب الصحف ونشرت مقالات في جريدة الأهرام انتقدت فيها نظم التعليم في وزارة المعارف الأمر الذي أثار ثائرة المستشار الإنجليزي للمعارف فمنحها إجازة مفتوحة مدفوعة الأجر واستغلت نبوية هذه الإجازة فسافرت إلي الإسكندرية عام 1920م ونجحت بالاتفاق مع أعضاء جمعية ترقية الفتاة في تأسيس مدرسة ابتدائية حرة للبنات في الإسكندرية تولت إدارتها وأثبتت كفاءة ونجاحا كبيراً». كما قامت في عام 1920 بنشر كتابها عن المرأة والعمل دافعت فيه عن حقوق المرأة وشاركت أيضاً في الحركة النسائية وسافرت ضمن الوفد النسائي المصري إلي مؤتمر المرأة العالمي المنعقد في روما عام 1923، وأثار ذلك خصومها وخصوم حركة تحرير المرأة فتم نقلها إلي القاهرة بوظيفة كبيرة مفتشات ولم تكن هذه الوظيفة التي تولتها نبوية مضطرة سوي نوع من الاعتقال للحد من نشاطها في مجال الحركة النسائية والنهوض بتعليم البنات ولذلك لاقت نبوية عنتاً كبيراً وسوء معاملة واضطهاداً من أجهزة وزارة المعارف وكبار المسؤولين فيها فيحفل ملف خدمتها في يناير1924 نبوية موسى تفصل من عملها! كان هذا الحدث من الموضوعات التي شغلت الناس والرأي العام في مصر سنة1926م حين شنت الرائدة "نبوية موسى" هجوماً قاسياً على وزارة المعارف وعلى الوزير مطالبة بتعديل برامج الوزارة، وقصر عمليات التفتيش في مدارس البنات على النساء فقط دون الرجال أو حتى النساء الأجنبيات (الغربيات). وكانت تتلقى العنت والمتاعب من بعض القائمين على الأمر في الوزارة، وقامت بالعديد من المذكرات والشكاوي الموجهة من نبوية موسي إلي وزير المعارف بالشكوي من اضطهاد الوزارة لها وسلبها لسلطاتها وتمييز الرجال عليها وأنها لا تجد في عملها إلا أنه سجن انفرادي ويبدو أن تشدد نبوية من الناحية الأخلاقية قد أثار كبار المسؤولين في المعارف ممن لهم تجاوزات أخلاقية ومن ثم فإن هذه المجموعة من كبار موظفي المعارف تكاتفوا علي اضطهاد نبوية موسي مما جعلها تهاجمهم علانية في شكوي وجهتها إلي وزير المعارف آنذاك وهي مؤرخة في 8 ديسمبر 1924 ومحفوظة بملف خدمتها ولما لم تجد نبوية موسي جدوي من شكواها إلي وزير المعارف قررت تصعيد المسألة إلي الرأي العام المصري وأثارتها علي صفحات الجرائد فكتبت في جريدة «السياسة اليومية» التي كان يصدرها حزب الأحرار الدستوريين في يوم الثلاثاء 8 ديسمبر 1925 مقالاً تحت عنوان «نظام تعليم البنات في إنجلترا ومصر» وكانت الوزارة تتربص بها، وأسرع علي ماهر وزير المعارف آنذاك بتوجيه إنذار مؤرخ في 9/2/1925 إلي الست نبوية موسي ناظرة المعلمات الأولية ببولاق لأنها أبدت ملاحظات شخصية علي تعليم البنات في جريدة «السياسة» وذلك مخالفة للقانون الذي يحظر علي مستخدمي الحكومة أن يبدوا ملاحظات شخصية بواسطة الجرائد ونسبوا المسؤولية عن قيام حركة المدرسات المصريات ضد الناظرات الأجنبيات فقد تصادف آنذاك أن قامت حركة شبه جماعية بين المدرسات المصريات تطالب باستبدال ناظرات المدارس الأجنبيات بناظرات مصريات بعد أن أثبتن كفاءتهن في العمل حتي يكون للاستقلال الذي حصلت عليه البلاد آنذاك مضمون حقيقي في مجال التعليم ,ووصل الأمر بالمستشار الإنجليزي لوزارة المعارف إلى منحها إجازة مفتوحة مدفوعة الأجر، حيث اتهمها الإنجليز بالاشتغال بالسياسة ومهاجمة القائمين على الحكم، بسبب موقفها من رفض وجود مفتشين رجال في مدارس البنات. وكانت نبوية موسى قبل مطالباتها بتعديل برنامج الوزارة قد وضعت كتاباً بينت فيه نظرتها لعمل المرأة والمجالات التي يمكن أن تعمل فيها دون أن تريق ماء وجهها أو تحرج بالاختلاط بالرجال الأجانب عنها في كتاب اسمه "المرأة والعمل". ولما لم تستجب الوزارة لمطالب "نبوية موسى" وأصرت الأخيرة على موقفها علي ذلك أن أصدر علي ماهر قراره في 6/3/1926 بإيقاف نبوية موسي من الخدمةو صدر القرار بفصلها من عملها بالمدارس الحكومية لكن القضاء أنصفها وأعاد لها اعتبارها، وقرر أن تدفع لها وزارة المعارف مبلغ خمسة آلاف وخمسمائة جنيه تعويضا لها عن قرار فصلها من الخدمة وانصرفت نبوية موسي منذ إنهاء خدمتها بالمعارف 1926م إلي الاهتمام بأمور التعليم في مدارسها الخاصة فارتفع شأن مدارس بنات الأشراف بالإسكندرية وأنفقت مبلغ التعويض الذي حصلت عليه من المعارف علي تطويرها فأصبحت من أفضل المدارس بناء وتجهيزاً وإعداداً وإدارة وتعليماً ثم افتتحت فرعاً آخر لمدارسها بالقاهرة واستمرت أيضاً في تطويره وتوسيعه حتي أصبح مدرسة ومقراً لإدارة جريدتها التي أنشأتها بعد ذلك. وقد أوقفت مبنى مدرسة بنات الأشراف في الإسكندرية وقفا خيريا لوزارة المعارف سنة 1946م. تعتبر الفترة فيما بين (1356- 1362هـ = 1937- 1943م) هي أزهى فترات نبوية موسى وأكثرها نشاطا وحيوية، فإلى جانب إدارتها للمدارس التي اكتسبت سمعة طيبة قامت بإنشاء مطبعة ومجلة أسبوعية نسائية باسم الفتاة، صدر العدد الأول منها في سنة (1356هـ = 1937م). لنبوية موسى تراث في الفكر التربوي، خاصة أنها شاركت في كثير من المؤتمرات التربوية التي عقدت خلال النصف الأول من القرن العشرين لبحث مشكلات التعليم، كما أن لها بعض المؤلفات الدراسية التي قررتها وزارة المعارف كما كان لنبوية موسى نشاط اجتماعي كبير من خلال الجمعيات والمؤتمرات النسائية على المستويين المحلي والعالمي. وإلي جانب ذلك قامت بإنشاء مطبعة ومجلة أسبوعية نسائية باسم «الفتاة» صدر العدد الأول في 20 أكتوبر 1937م واستمرت المجلة تصدر لمدة خمس سنوات أصدرت خلالها 229 كما ألفت نبوية آنذاك رواية تاريخية باسم «توب حتب» أو «الفضيلة المضطهدة» ترجع إلي عصر أحمس الأول ونشرت أيضاً في هذه الفترة ديوانها الشعري وقد جر الدور السياسي الذي لعبته نبوية موسي فيما بين 37 و42 لحساب القصر وحزب الأحرار الدستوريين إلي عداء شديد مع حزب الوفد الذي ما إن تولي الحكم في فبراير 1942م حتي سارع للانتقام من نبوية موسي فأغلق مدارسها ومجلتها كما تعرضت للتفتيش والمحاكمة والاعتقال وقد عرضت حياتها كامله فى كتاب " تاريخى بقلمى " و من ضمن الأسباب التي تجعل كتاب "تاريخي بقلمي" جديرا بالقراءة أيضا هو أن ملتقى المرأة والذاكرة –الذي قام بنشر هذا الكتاب- قد واجه صعوبات كثيرة في تقديمه للناس، فهو لم يتوفر في المكتبات الأكاديمية اللهم إلا "متحف التعليم في معهد البحوث والدراسات التربوية". وفاتها :ـ و توفيت نبوية موسى في عام 1371 هـ - 1951م. بعد حياة كفاح تستحق كل التقدير والاحترام . رحمها الله المصدر: منتديات مخابئ 2023 - من قسم: المنتدى العام للمواضيع العامة |